التضامن الوطني
بقلم: كيومرث أشتريان
بحسب تقرير مجموعة شرق الإعلامية:
1- ردود أفعال الشخصيات السياسية والناشطين على الهجوم الإسرائيلي على إيران، تُظهر أكثر من أي شيء آخر، ازدياد التضامن الوطني عقبه. مهما كانت الحجج الأخلاقية والعسكرية والسياسية التي ننظر بها إلى هذه القضية، فلن يكون لدينا سوى المقاومة والردّ المتبادل لإسرائيل. دعوا أسلوب هذا الرد للسلطات، ولا تتسرعوا أو تتباطأوا وعلى وجه الخصوص، تجنبوا الضغط النفسي عليهم لتوسيع نطاق الحرب والفشل في استخدام الدبلوماسية أو الوساطة.
للمقاومة والحفاظ على المكتسبات الوطنية، يجب استغلال كل أداة عسكرية وسياسية؛ نظام الفصل العنصري الإسرائيلي ومجرمو الحرب الأمريكيين والأوروبيين الذين يدعمونه ليس لديهم دروس في السلام، أو الأخلاق، أو حقوق الإنسان ليعلمونا إياها؛ هدفهم هو إيران بأكملها. يجب أن نحافظ على التضامن الوطني، ونعزز معنوياتنا ومعنويات عائلاتنا، وخاصةً عدم زيادة الضغط النفسي الاجتماعي. هذا أقل ما يمكننا فعله لا نلوم بعضنا البعض. العدوّ أمامنا جميعًا؛ احذروا معنويات الشعب ولا تُثيروا الفوضى نحن أمة عظيمة، وقد تجاوزنا الأوقات الصعبة بنجاح.
٢- القول بأننا توقعنا ما حدث ولم نجد آذاناً صاغیة و... لا يشفي الجراح، بل هو أحيانًا أشبه بمحاولة تلميع سمعتنا ومعرفتنا بدماء أحبائنا. هذه المرة، تدّعي الجمهورية الإسلامية أنها تفاوضت لدرء الشر، وأبدت المرونة اللازمة؛ لو وصلنا إلى الوضع الحالي دون مفاوضات، فكيف كانت سترد على إغلاقها باب المفاوضات؟ هذه حجة تُعزز التضامن الوطني ضد هذا العدوان؛ كِلا الأمرین التفاوض والمقاومة كانا ولا يزالا في الوقت والمكان المناسبين.
ثنائية التفاوض والمقاومة لا معنى لها في الأساس؛ فهي مُفرّقة، وقد استُخدمت لتشويه سمعة الخصم الانتخابي، ولمداواة الجروح النفسية الناجمة عن الهزائم الفئوية. كما حوّل هذا التكتيك عددًا من الشباب ذوي القلوب النقية إلى ضحايا نفسية لجماعة "سياسية" في إيران؛ وبافتراض أن العدو استخدم المفاوضات للخداع، فلننظر فيما كان بإمكاننا فعله وما لم نفعله؟ ثم نحكم هل أخطأنا أم لا؟ إن استطعتم، فاضربوا، وإن لم تستطيعوا، فاقاوموا، واكسبوا الوقت، وكونوا صبورين ومثابرين وحتى الآن، إذا تركت السلطات في النظام الباب مفتوحًا للمفاوضات، فینبغي دعمها.
٣- في الأزمة الحالية، يعتمد كل شيء على مستوى الحساسية؛ إطالة أمد الحرب تتطلب مستوى حساسية لدى كلا الطرفين؛ بالنسبة لإيران، تعتمد هذه الدرجة على المقاومة المدنية، واستقرار البنية التحتية، والتضامن الوطني، والقدرة على الرد الصاروخي على مدى ثلاثة أشهر على الأقل. أما بالنسبة للمعتدين، فتتمثل درجة الحساسية في سعر النفط وتدفق التجارة العالمية.
بالنسبة لإسرائيل، تُعدّ فعالية الضربات ضد إيران ذات مغزى على المدى الطويل، ولكن بطریقة متناقضة أنها تتآكل على المدى الطويل نفسه بسبب ارتفاع أسعار النفط. أي دولة تتجاوز مستوى الحساسية يمكنها أن تأمل في تجاوز الأزمة. أحيانًا، قد يكون إطالة أمد الحرب في مصلحة الدولة الأضعف لا في مصلحة الدول الأقوى؛ المهم هو القدرة على استغلال الوقت بضربات متواصلة (وليس بالضرورة في فترة زمنية قصيرة) لصالح ارتفاع أسعار النفط واستنزاف العدو. الحرب الطويلة تجلب عدم استقرار للاقتصاد الدولي وبمجرد أن تصل سياسة التدمير إلى نقطة المنفعة الحدیة، فإنها لن تكون لها عواقب إيجابية بالنسبة لإسرائيل أو الولايات المتحدة.
كما ذكرتُ سابقًا في مقالاتي حول "التدمير السريع"، يعتمد سيناريو التدمير الشامل والسريع على حرب قصيرة الأمد، ويتحقق الردع بوجود القدرة على إطالة أمد الحرب. تعتمد هذه القدرة على عدد الصواريخ وفعاليتها لكن الإطالة لها أيضًا "نقطة المنفعة القصوى" بالنسبة للدولة الضعيفة؛ لأنها ستؤدي إلى إمكانية التوصل إلى إجماع عملي بين القوى العظمى، وهجوم على المناطق المدنية (تكرار سيناريو غزة في إيران)، وحتى استخدام الأسلحة النووية، نظرًا للطبيعة الجنونية لإسرائيل والولايات المتحدة. وفي هذه الحالة، هل ستكون إعادة النظر في عقيدة الأمن النووي، والانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، والتركيز على البحر الأحمر، هي الخيارات المتاحة للجمهورية الإسلامية؟
مع أن دعم بعض الدول الغربية لإسرائيل يُعد رمزًا لعنصريتها الثقافية، إلا أن التركيز على إسرائيل يجب أن يكون أولوية عسكرية، ويجب تجنب امتدادها إلى دول أخرى، وخاصة الدول العربية. تحرص إسرائيل بشدة أن تعتبر حربها مع إيران ليس حربًا دولية فحسب، بل حربًا عربية-إيرانية أيضًا.
الآراء